نشأت في هذا العصر أمراض مناعية كثيرة، وأصبح عدد المصابين بالأمراض المناعية يفوق عدد المصابين بضغط الدم والسكري والسرطان، فإذا كان عدد المصابين بالأمراض المناعية في كفة، وعدد المصابين بالسرطان والسكر وضغط الدم في كفة واحدة، سترجح الكفة التي تتضمن عدد المصابين بالأمراض المناعية.

فتقوم معظم شركات الأدوية بالترويج لعادات غير صحية عبر شاشات التلفاز، كتناول أدوية الحموضة لتقليل حموضة المعدة، وإعطاء الأطفال أدوية الإسهال عند الإصابة بالإسهال، وتناول أدوية خفض نسبة وجود الشحوم والكوليسترول[1] في الجسم إذا كان مستوى الدهون مرتفعًا، فتحصل بذلك على أرباحٍ تقدّر بملايين الدولارات. بينما يجب على الإنسان تناول الطعام الصحي والابتعاد عن الطعام الذي يسبب الحموضة، كما يجب عدم إعطاء الأطفال الطعام الذي يُضعِف مناعتهم.

الأمراض المناعية الذاتية

تمت مناقشة أهمية الميكروبيوم[2] سابقًا، وهي مجموعة من البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز الهضمي. كما تمت مناقشة عمل جهاز المناعة والأمراض المناعية، فالجسم ذكيٌّ للغاية ويملك جهاز حمايةٍ خاصٍ به عندما يدخل إليه أي دخيلٍ، فإنه يعمل على تدميره.

عند إصابة الجسم بالأمراض المناعية الذاتية[3] يقوم الجهاز المناعي بالتعامل مع الإشارات الطبيعية لخلايا الجسم على أنها عدو، فيقوم بمهاجمة تلك الخلايا، وبهذا يهاجم الجسم نفسه بنفسه.

بعض الأمثلة على الأمراض المناعية الذاتية

  • إذا قام جهاز المناعة بتعريف خلايا البنكرياس التي تفرز الإنسولين على أنها العدو، فإنه يهاجمها مسببًا الإصابة بمرض السكري من النوع الأول.
  • إذا تعامل جهاز المناعة مع الغدة الدرقية كعدو، فإنه يهاجمها مُسببًا الإصابة بمرض التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو[4].
  • إذا تعامل جهاز المناعة مع العضلات كعدو، فإنه يهاجمها مُسببًا الإصابة بمتلازمة الألم العضلي الليفي[5].
  • إذا هاجم جهاز المناعة غشاء الأعصاب المسمى بغمد العصب[6]، يُصاب الإنسان بالتصلُّب المتعدد[7].
  • إذا هاجم جهاز المناعة الحمض النووي[8] في الجسم، يُصاب الإنسان بمرض الذئبة الحمامية[9].
  • عند مهاجمة جهاز المناعة للأوعية الدموية الرقيقة، يُصاب الإنسان بمرض الدراق الجحوظي[10]، أو مرض التهاب الأمعاء الناحي المعروف بداء كرون[11]، أو الالتهاب الوعائي[12].

قال الطبيب (فولتير) عام 1788 عن الطب التقليدي: “إن الأطباء يكتبون العلاج الذي يعرفون عنه القليل، لمرضٍ يعرفون عنه القليل، لبشرٍ لا يعرفون عنهم شيئًا”.

لقد قال (فولتير) هذا القول منذ زمنٍ طويل، وهذا ما يفعله بعض الأطباء مع الأمراض المناعية حتى الآن، فهم لا يعلمون سبب إصابة الجسم بالتصلُّب المتعدد، أو داء التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو، أو الألم العضلي الليفي، وهو مرضٌ يسبب آلامًا في العضلات عند الاستيقاظ من النوم أو بعد القيام بأي مجهودٍ، ويؤدي إلى عدم الحصول على نومٍ جيدٍ والإصابة بالاكتئاب والصداع. وبالرغم من هذا يعالج الأطباء هذا المرض بأدوية الصداع، والمرخيات العضلية والأدوية المنوِّمة. ويصفون له ولغيره من أمراض المناعة الذاتية دواءً يثبط عمل المناعة التي هي خط الدفاع عن الجسم أمام جميع الأمراض، فإعطاء المريض دواء الكورتيزون[13]، مثلًا، قد يؤدي إلى الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم والتوتر العصبي وزيادة الوزن.

المصدر :موسوعة فكر تاني / حياة صحيه جديدة / الجزء الثالث / الدكتور كريم علي

Pin It on Pinterest

Share This